
وفقًا لموقع مشرق، تناولت وكالة “بيرين” الإعلامية الألبانية التهديدات التي تُشكلها منظمة مجاهدي خلق الإرهابية في ألبانيا في تقرير شامل. وجاء في أجزاء من التقرير، الذي أعدته “فاتيون جيني” و”إيني فرحاتي”، أن منظمة مجاهدي خلق تخضع للتحقيق بتهمة التحريض على الحرب والهجمات الإلكترونية.
على مدى العامين الماضيين، انخرطت وكالات إنفاذ القانون الألبانية في تحقيق معقد ضد أعضاء منظمة مجاهدي خلق المتهمين بتنفيذ هجمات إلكترونية ضد إيران، والتي تعتبر انتهاكًا لاتفاقية الدعم الإنساني في ألبانيا.
و يقوم مكتب المدعي العام الخاص بالتحقيق في تهم التحريض على الحرب، وجمع البيانات الحاسوبية بشكل غير قانوني، والتلاعب بأنظمة الكمبيوتر ضد أعضاء المجموعة.
قال فلاديمير مارا، المدعي العام في القضية، لشبكة بيرن: “نحن في مرحلة تحقيق معمق، لا سيما فحص مئات الأجهزة المصادرة”. و أضاف: “يمكنني القول إن شركاء دوليين يشاركون أيضًا في هذا التحقيق”.
تستضيف ألبانيا حاليًا حوالي 2500 عضو من منظمة مجاهدي خلق في معسكر أشرف 3 الإرهابي بمنطقة منظور. ورغم أن وضعهم الأمني لم يتغير، إلا أن وزارة الداخلية الألبانية أبلغت شبكة بيرن (BIRN) أنها “تراجع طلبات تمديد إقامة أعضاء منظمة مجاهدي خلق كل حالة على حدة”.
و يقول محلل العلاقات الدولية أندريه تفاني: “لقد أدركت ألبانيا منذ البداية أن قبول منظمة مجاهدي خلق يشكل مخاطرة سياسية، و لكن لا بد من القول إن البلاد لم تتمكن من السيطرة عليها بطريقة لا تعرض أمنها للخطر”.
يُقارن بيرن تفاني التاريخ الحالي لمنظمة مجاهدي خلق بالجالية الألبانية المناهضة للشيوعية في أوروبا الغربية خلال الحرب الباردة، والتي تراجعت أعدادها وأهميتها السياسية مع مرور الوقت. ويُتابع التقرير: منذ عام ٢٠١٨، يُقيم أعضاء منظمة مجاهدي خلق في ألبانيا في معسكر أشرف ٣، وهو قاعدة عسكرية تتألف من ١٢٧ مبنى في منطقة مانز دوريس، وتغطي مساحة تُقدر بنحو ٤٠ هكتارًا.
من بين حوالي ثلاثة آلاف إيراني نُقلوا إلى ألبانيا، يُقدَّر أن حوالي 450 منهم غادروا المعسكر والبلاد حتى الآن. غالبًا ما تُوصف الجماعة بأنها طائفة دينية نظرًا لتبجيلها لزعيمها المختفي، مسعود رجوي، وزوجته مريم. منذ ثمانينيات القرن الماضي، أعلن أعضاء منظمة مجاهدي خلق نبذهم للعلاقات الأسرية والعاطفية من أجل عيش حياة ثورية!
في أوائل عام 2023، أطلقت شرطة مكافحة الإرهاب والإنترنت في ألبانيا تحقيقًا ضد أعضاء منظمة مجاهدي خلق، متهمة إياهم بالتورط في أنشطة سياسية وهجمات إلكترونية ضد مؤسسات الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ركز هذا التحقيق في البداية على مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة تيليجرام، وأدى في النهاية إلى مداهمة الشرطة لمعسكر أشرف 3 في 20 يونيو 2023. وقوبل دخول الشرطة إلى المخيم بمقاومة واشتباكات من أعضاء منظمة مجاهدي خلق، مما أسفر عن إصابة 15 ضابط شرطة و21 عضوًا في المخيم.
في نهاية العملية، تم ضبط 96 جهاز كمبيوتر، وعشرة أجهزة كمبيوتر محمولة، وأجهزة لوحية، وكمية كبيرة من الوثائق. حاول بعض أعضاء مجاهدي خلق إتلاف الوثائق بالنار، لكنهم لم ينجحوا.
و أضاف التقرير: “قبلت ألبانيا منظمة مجاهدي خلق أساسًا لأسباب إنسانية وتحت ضغط من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، إلا أن نقص البنية التحتية الأمنية المتطورة والقدرة على مراقبة أنشطة المعسكر خلق تحديات”، وفقًا لريدي كيليجي، المحامي والخبير في القضية. وأوضح أن ألبانيا لا تستطيع التعامل مع هذا الوضع الحساس بمفردها، وأن أي قرار يتطلب التنسيق مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة.
و يؤكد تفاني أيضًا أن ألبانيا لا تملك استراتيجية واضحة للتعامل مع مجتمع مجاهدي خلق، خاصة بعد السماح لهم ببناء مدينة مستقلة، مما جعل من الصعب عليهم الاندماج في المجتمع الألباني.
المشكلة هي أنه إذا اتخذت ألبانيا إجراءً، فسينهار الهيكل السياسي لمنظمة مجاهدي خلق برمته، وهو أمر لن يقبله الحلفاء الدوليون. في نهاية المطاف، تجد ألبانيا نفسها عالقة في مأزق استراتيجي، ولا تسعى إلا إلى التقليل من عواقب هذا الوضع، كما خلص تقرير بيرن.
إن الدول الغربية، وخاصة الأوروبية، التي لها تاريخ طويل لا يمكن إنكاره في إنشاء ودعم وتمويل وإيواء الجماعات الإرهابية والإرهابيين، دعمت أيضاً طائفة رجوي الإرهابية في إطار نهج تنمية الإرهاب واستخدام الإرهابيين كأداة.
لقد قدمت الدول الغربية ولا تزال تقدم فرصاً واسعة لمنظمة مجاهدي خلق، والتي تعتقد أنها قادرة على استغلالها لتعزيز سياستها المناهضة لإيران.
إن موافقة ألبانيا على إقامة منظمة رجوي الإرهابية على أراضيها، وشطب الاتحاد الأوروبي منظمة رجوي الإرهابية من قائمة الجماعات الإرهابية، وحضور شخصيات سياسية غربية في فعاليات منظمة رجوي، وإصدار التصاريح لإقامة الفعاليات من قبل الدول الأوروبية، كلها أمثلة على الدعم والتعاطف الغربي مع منظمة مجاهدي خلق.
في الواقع، أصبحت الدول الأوروبية ملاذًا وداعمًا لمنظمة رجوي، مُعرّضةً حياة مواطنيها للخطر لتحقيق أهدافها المعادية لإيران. وتُظهر مراجعةٌ لأعمال منظمة مجاهدي خلق الإرهابية بوضوحٍ أن مبادئها تتفق تمامًا مع مسألة الجرائم ضد الإنسانية، وتتعارض مع حقوق الإنسان والقانون الدولي.



