
في حين أن الإرهاب له تاريخ منذ وجود البشرية على الأرض، وفي العقود الأخيرة، ومع تقدم التكنولوجيا، أصبح الإرهاب تهديدًا خطيرًا للعالم، لم يمر سوى 8 سنوات منذ أن تم تحديد يوم لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب.
في عام ٢٠١٧، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قرارها ٧٢/١٦٥، يوم ٢١ أغسطس يومًا دوليًا لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وتكريمهم. ويهدف هذا اليوم الدولي، وفقًا لإعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى إحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وتكريمهم، من خلال التعبير عن التضامن معهم، وتعزيز حقوقهم الإنسانية وحرياتهم الأساسية وحمايتها.
ما هو الإرهاب؟
تُعدّ ظاهرة الإرهاب إحدى الأزمات الخطيرة التي يُعاني منها القانون الدولي، إذ تُهدد السلم والأمن الدوليين.
و رغم المواجهة العالمية لهذه الأزمة، فإنه لا يوجد حتى الآن تعريف متفق عليه تماما للإرهاب، ومن أسباب ذلك استخدام هذه الأداة من قبل بعض الجهات الفاعلة العالمية، وخاصة الدول الغربية، لتحقيق أهدافها غير المشروعة.
و في الوقت نفسه، أعطى هذا الإرهاب الفرصة والسياق الضروري للنمو والتطور، وبدلاً من القضاء عليه، أصبح أكثر فتكاً من أي وقت مضى في أشكال مختلفة.
إن الإرهاب الفردي، والإرهاب الجماعي، والإرهاب الحكومي (المنظم)، والإرهاب الدولي، والإرهاب السياسي، والإرهاب الاقتصادي (على سبيل المثال، فرض العقوبات الأمريكية القمعية على إيران)، والإرهاب السيبراني (الافتراضي)، وما إلى ذلك، تُظهر كيف تم تطوير هذه الأداة القاتلة من قبل الجهات الغربية وحلفائها.
مؤشر الإرهاب العالمي 2024
مؤشر الإرهاب العالمي هو دراسة شاملة تحلل تأثير الإرهاب على 163 دولة تغطي 99.7 في المائة من سكان العالم؛ ويتم إنتاج تقرير مؤشر الإرهاب العالمي من قبل معهد الاقتصاد والسلام باستخدام بيانات من متعقب الإرهاب ومصادر أخرى.
و تتمثل النتائج الرئيسية لتقرير مؤشر الإرهاب العالمي 2024 فيما يلي:
– تظل منطقة الساحل مركزًا للإرهاب، حيث تمثل أكثر من نصف الوفيات الناجمة عن الإرهاب في العالم.
– وسع تنظيم داعش عملياته إلى 22 دولة ويظل المنظمة الإرهابية الأكثر دموية في العالم، حيث تسبب في مقتل 1805 أشخاص.
– برزت حركة طالبان باكستان باعتبارها الجماعة الإرهابية الأسرع نمواً، حيث زادت أعداد القتلى بنسبة 90%.
– انخفض معدل الوفيات في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (باستثناء منطقة الساحل) إلى أدنى مستوى له منذ عام 2016، مع انخفاض النسبة المئوية.
– ارتفعت الهجمات الإرهابية في الغرب بنسبة 63%، حيث عانت أوروبا أكثر من غيرها، حيث تضاعف عدد ضحايا الهجمات الإرهابية في أوروبا.
– بحسب إعلانات عدة دول غربية، تم تخفيض سن مرتكبي الأعمال الإرهابية في هذه الدول إلى أقل من 18 عاماً.
– 7 دول غربية ضمن قائمة الخمسين دولة الأكثر تأثرا بمؤشر الإرهاب العالمي.
– تزايدت الجرائم الإرهابية بدافع الكراهية وكراهية الإسلام على مستوى العالم.
– ارتفعت أعداد الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 22% لتصل إلى 8352، وهو أعلى مستوى منذ عام 2017.
– أصبحت الهجمات الإرهابية أكثر دموية، في حين أن عدد الهجمات الإرهابية كان في اتجاه تنازلي، حيث وصل إلى 3350.
– وصل عدد الدول التي أبلغت عن حوادث إرهابية إلى 50 دولة.
الضحايا و الناجون من الإرهاب
على الرغم من الإدانة العالمية للإرهاب، لا يزال الضحايا والناجون من هذه الجريمة الصارخة يواجهون صعوبات خطيرة في سماع أصواتهم والوصول إلى العدالة؛ وكثيراً ما يشعر الضحايا بالنسيان والتجاهل بعد فترة طويلة من تلاشي العواقب المباشرة للهجوم الإرهابي، مع عواقب وخيمة عليهم.
و في الوقت نفسه، فشلت الأمم المتحدة ومؤسساتها المعنية بحقوق الإنسان، والتي تتحمل مسؤولية ضمان سماع أصوات ضحايا الإرهاب، في الوفاء بواجباتها ومسؤولياتها الموكلة إليها.
تشمل ضحايا الإرهاب الأشخاص الذين يتأثرون أو يتضررون بشكل مباشر من الأعمال الإرهابية، بما في ذلك أولئك الذين أصيبوا أو قُتلوا، أو تضررت ممتلكاتهم.
و إلى جانب الضحايا المباشرين، تعاني أسرهم ومجتمعاتهم أيضًا من أضرار جسيمة وعواقب طويلة الأمد.
و تشمل آثار الإرهاب على الضحايا الأذى الجسدي والنفسي، والاضطرابات الاقتصادية، والتحديات الاجتماعية.
القرارات بشأن ضحايا الإرهاب
تم اعتماد قرار الأمم المتحدة رقم 72/165 في عام 2017 لتكريم ضحايا الإرهاب والتأكيد على أهمية احترام حقوقهم.
و في أبريل/نيسان 2020، نشر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عملاً بقرار الجمعية العامة 73/305، تقريره (A/74/790) بشأن الإجراءات التي اتخذتها مختلف الدول لمساعدة ضحايا الإرهاب، والذي يدعو إلى تعزيز التعاون الدولي لمساعدة ضحايا الإرهاب.
و من خلال القرارات المتعلقة بالمراجعة السنوية للاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب، أكدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على الدور المهم لضحايا الإرهاب في مكافحة الإرهاب، وتعزيز التضامن الدولي، و منع التطرف العنيف، و مساعدة الدول الأعضاء في الاعتراف بحقوقهم الإنسانية و حمايتها و الدعوة إلى تلبية احتياجاتهم المتميزة.
و على إثر اعتماد العديد من القرارات في هذا الصدد، تم تشكيل مجموعة أصدقاء ضحايا الإرهاب في عام 2019 واعتماد قرار الجمعية العامة A/RES/73/305 بشأن تعزيز التعاون الدولي لمساعدة ضحايا الإرهاب.
و يشير قرار المراجعة الثامن، الذي اعتمد في يونيو/حزيران 2023 (A/RES/77/298)، إلى أهمية حماية حقوق ضحايا الإرهاب والدعوة إلى تلبية احتياجاتهم، وخاصة النساء والأطفال والأشخاص المتضررين من الإرهاب.
و يرحب القرار بالمؤتمر العالمي الأول للأمم المتحدة لضحايا الإرهاب، المقرر عقده في مقر الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2022، ويشجع مكتب مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة، من خلال البرنامج العالمي لحماية ضحايا الإرهاب وبوابة الأمم المتحدة لدعم ضحايا الإرهاب، على مواصلة رفع مستوى الوعي بشأن ضحايا الإرهاب وتعزيز حقوقهم وحمايتها.
ضحايا الإرهاب في إيران:
إيران، إحدى الدول الرائدة في مكافحة الإرهاب، هي واحدة من أكبر ضحايا هذا التهديد المميت في العالم؛ فوفقاً للإحصاءات، كان 23 ألف مواطن إيراني ضحايا للأعمال الإرهابية و فقدوا أرواحهم خلال العقود الأربعة الماضية.
إن مكافحة الإرهاب مهمة للغاية بالنسبة لإيران لدرجة أن يوم 8 شهريور 1988، يوم استشهاد الرئيس محمد علي رجائي ورئيس الوزراء محمد جواد باهنر وعدد من رفاقهما، تم تحديده يومًا وطنيًا لمكافحة الإرهاب.
و تمضي إيران في حربها ضد الإرهاب قدماً مع التركيز على ضحاياه لتمهيد الطريق أمام تحقيق العدالة لهم وللناجين من هذه الأزمة.
و يمكن رؤية هذا الاهتمام و التركيز بشكل خاص في عقد محاكمة للتحقيق في جرائم منظمة مجاهدي خلق الإرهابية في إيران؛ و هو الإجراء الذي يعتبره ضحايا و ناجون من الإرهاب في إيران خطوة قيمة نحو تحقيق العدالة ضد أكثر الجماعات الإرهابية المعادية لإيران إجرامًا.



