
لأول مرة في تاريخ منظمة مجاهدي خلق الإرهابية، تمكنت عائلة من مغادرة مقر هذه المجموعة الإرهابية بشكل كامل.
وفقا لمراسل سياسيوذكرت وكالة تسنيم للأنباء ، الأربعاء الماضي، ولأول مرة في تاريخ منظمة مجاهدي خلق، أن عائلة تمكنت من مغادرة مقر هذه المجموعة الإرهابية بشكل كامل.
و قد وقعت هذه الحادثة في معسكر أشرف 3، حيث أصبح رحيل الأفراد، حتى بشكل فردي، صعباً للغاية في السنوات الأخيرة، وكانت ذروة الهروب عند مغادرة العراق.
إن رحيل عائلة مكونة من خمسة أفراد معًا، وكيف تمكنت هذه العائلة، برغم سياسات منظمة مجاهدي خلق المتشددة، من التواصل مع بعضهم البعض وإقناع بعضهم البعض بالمغادرة، أمر غريب جدًا ودليل واضح على انهيار منظمة مجاهدي خلق.
و بحسب المعلومات التي تلقتها وكالة تسنيم، فإن “فروغ شاه كرامي” مع والده “علي” و والدته “فرزانة خادمي” وشقيقيه “نسيم” و”مسعود” هم الأشخاص الذين تمكنوا من مغادرة أشرف 3.
على مدى العام الماضي، ورغم الرقابة المشددة التي فرضتها المجموعة، حافظت هذه العائلة سراً على ارتباطها، وتوصلت أخيراً إلى استنتاج مفاده أن الاستمرار في كونها جزءاً من منظمة مجاهدي خلق الإرهابية يعني تدمير حياتها الفردية و العائلية.
انهيار المحرمات الداخلية للمنافقين
وما يجعل هذا الرحيل تاريخيا ليس فقط قرار الأسرة بمغادرة المنظمة، بل أيضا كسر أحد أهم المحرمات في المنظمة: انفصال الأسرة.
وفقًا لوكالة تسنيم، ارتكزت سياسة مسعود رجوي، منذ ستينيات القرن الماضي فصاعدًا، على الفصل التام بين أفراد الأسرة. أُجبر الأزواج والزوجات على الطلاق، وفُصل الأطفال عن آبائهم، وكُبت أي مشاعر عائلية باعتبارها “عائقًا أمام النضال”. وحتى يومنا هذا، يُستخدم وصف “عدم تجاوز الفردانية” كأحد عناصر إذلال أفراد الأسرة لعدم قيامهم بثورة داخلية (ثورة مريم) بالإضافة إلى تجاوزهم للجنس.
لكن نجاح هذه العائلة في إقامة اتصالات سرية وإقناع بعضهم البعض بالمغادرة يشير إلى ضعف جدران السيطرة وهشاشة العلاقات الداخلية لأشرف 3.
بالنسبة لمنظمة أبقت أعضائها معزولين لمدة ثلاثة عقود من خلال “الطلاق القسري” و”جلسات الإذلال” و”غسيل الدماغ الأيديولوجي”، فإن هذا الخلاف قد يكون بداية لاتجاه جديد.
محاولة إخفاء
بحسب مصدر مطلع، فقد اتبع قادة منظمة مجاهدي خلق، رداً على هذا الخروج غير المسبوق، سياسة الإخفاء، وأمرت زهرة مريخي، المسؤولة العليا في المنظمة، بتوفير منزل للعائلة في تيرانا لتوفير الحد الأدنى من سبل العيش لهم مع منعهم من الاتصال بوسائل الإعلام أو العودة إلى إيران.
و يعكس هذا القرار القلق العميق لدى جماعة مجاهدي خلق من انتشار هذه الموجة، لأن نشر خبر رحيل العائلة قد يدفع أعضاء آخرين إلى التفكير في الخلاص الجماعي.
الضغوط الداخلية: من الوعود الكاذبة إلى الإذلال اليومي
إن هروب هذه العائلة، باعتباره رمزاً للانهيار الرهيب الذي تعرضت له المؤسسة ومنظمة مجاهدي خلق، أمر مفهوم في سياق الظروف التي وضعت أفرادها في مأزق لسنوات.
وعودٌ لا تنتهي بالإطاحة: منذ أوائل ستينيات القرن الماضي، دأبت قيادة المنظمة على الوعد سنويًا بسقوط الجمهورية الإسلامية العام المقبل. وقد أدى هذا الوعد الكاذب، المُكرّر مرارًا، إلى تدهور أخلاقي لدى أعضائها وفقدان آمالهم.
الانفصال القسري: لا يُفصل الأعضاء عن عائلاتهم الأصلية فحسب، بل يُحرمون أيضًا من حق الزواج وتكوين أسر جديدة. يُجبر الأزواج على الطلاق، وتُعتبر أي علاقة عاطفية “خيانة للقيادة”.
جلسات الإذلال والإكراه: لطالما كانت جلسات “عملية التيار” و”الحمام الأسبوعي” أداةً للسيطرة على العقول والإذلال النفسي. في هذه الجلسات، يُجبر الأعضاء على الاعتراف بأفكارهم ومشاعرهم الشخصية، ويُوبَّخون تحت ضغط جماعي.
رقابة شخصية صارمة: الحياة اليومية في أشرف 3 تخضع لمراقبة مستمرة. مغادرة المجمع بحرية ممنوعة، وأي طلب مغادرة يُقابل باتهام “الارتزاق”.
المعنى السياسي للهروب العائلي
إن هجران عائلة أشرف 3 هو أكثر من مجرد حدث فردي؛ فهو يمثل بداية لعملية سياسية وتنظيمية.
إذا كانت الرحيلات المتفرقة حتى الأمس تُقدَّم على أنها “ضعف شخصي”، فإن الانفصال الجماعي للعائلة اليوم يشكل ضربة مباشرة للأساس الأيديولوجي للمنظمة، الذي كان يرتكز أساسًا على نفي العائلة واستبدال “العلاقة مع القيادة”.
يُرسل هذا الهروب رسالةً واضحةً لباقي الأعضاء المحاصرين في مجمع أشرف 3، مفادها أنه من الممكن العودة إلى الحياة الطبيعية، حتى بعد سنواتٍ من القمع. كما يُظهر أن حلقة السيطرة التنظيمية للتنظيم، مهما كانت مُحكمة، لم تعد منيعةً.
مستقبل غير مؤكد للمؤسسة الألبانية
و في الوقت نفسه، تزايدت الضغوط الخارجية على منظمة مجاهدي خلق في السنوات الأخيرة.
حذّرت الحكومة الألبانية مرارًا وتكرارًا من انتهاكات أعضاء منظمة مجاهدي خلق في الشؤون الداخلية للبلاد، وفرضت قيودًا على أنشطتهم. كما وصفت وسائل الإعلام الأوروبية أشرف 3 بـ”السجن الصامت”.
و الآن، مع هروب العائلة الأولى، يمكننا أن نتوقع موجة جديدة من الخلافات داخل المنظمة.
و من المرجح أن يتوصل العديد من الأعضاء، الذين استمتعوا بالوعود الكاذبة لسنوات، إلى أن المغادرة هي السبيل الوحيد للخروج من الأزمة.
الصمت المفروض والخوف من التوسع
تعكس سياسة منظمة مجاهدي خلق في إخفاء رحيل هذه العائلة خوفًا عميقًا من عواقب أفعال قادتها. إن منح هذه العائلة منزلًا في تيرانا ليس من باب الشفقة، بل وسيلة لشراء الصمت ومنع كشف الحقيقة.
و لكن التجربة أثبتت أن مثل هذه التدابير التسهيلية لا يمكنها منع الانهيار التدريجي للمؤسسة.



