
نشر موقع شبكة معلومات أفغانستان تقريرا يبحث في نهج مكافحة الإرهاب بين المسؤولين الباكستانيين والأمريكيين. لكن هذا التقرير وقع في فخ المواجهة السياسية بين أفغانستان وباكستان، في ضوء الأحداث الأخيرة بين البلدين. لكن قراءة هذا التقرير توفر للقارئ منظوراً جيداً حول النهج الأميركي في مكافحة الإرهاب.
في هذا التقرير نقرأ أن خطاب ترامب أمام الكونجرس الأمريكي بشأن اعتقال إرهابي مسؤول عن هجوم على القوات الأمريكية خلال أيام عملية الانسحاب من أفغانستان ليس مجرد ادعاء سياسي مثير للجدل فحسب، بل يثير أيضا أسئلة عميقة حول دور باكستان في الإرهاب والعلاقات المعقدة بين هذا البلد والولايات المتحدة وأفغانستان. إن هذا الخطاب وادعاء ترامب يشكلان فرصة لفحص الأبعاد الخفية في السياسة الإقليمية والدولية، حيث يتم استخدام الإرهاب كأداة لتحقيق أهداف سياسية.
- دور باكستان في الإرهاب: من التدريب إلى الاستسلام؛
وفي خطابه، شكر ترامب باكستان على تعاونها في القبض على الإرهابي، لكن هذا الامتنان في حد ذاته يثير العديد من الأسئلة. ألم يتدرب هذا الإرهابي على الأراضي الباكستانية؟ إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم تتخذ باكستان إجراءات فعالة لمواجهة هذه العناصر حتى الآن؟ وتسلط هذه الأسئلة الضوء على الدور المزدوج الذي تلعبه باكستان في مكافحة الإرهاب. من ناحية، تقدم باكستان نفسها كحليف للولايات المتحدة في الحرب ضد الإرهاب، ومن ناحية أخرى، عملت كملاذ آمن للجماعات الإرهابية. ويعكس هذا التناقض السياسات المعقدة والمتناقضة في بعض الأحيان التي تنتهجها إسلام آباد، والتي تستخدم الإرهاب كأداة لتأمين مصالحها الاستراتيجية.
- توقيت الاعتقال: لعبة سياسية أم عمل حقيقي؟
ويأتي القبض على هذا الإرهابي في وقت حرج؛ عندما يكون ترامب في ذروة قوته السياسية. ويأتي هذا التوقيت ليثير تساؤلات الكثيرين حول الدوافع وراء هذا الإجراء. هل هذا الاعتقال إجراء حقيقي لمكافحة الإرهاب، أم أنه مجرد مناورة سياسية لتعزيز موقف ترامب والحكومة الأميركية؟ وتشير هذه الأسئلة إلى أن الإرهاب ومكافحته يتحولان في بعض الأحيان إلى أداة لتحقيق أهداف سياسية.
- الضحايا المنسيون: الأفغان والتكلفة البشرية؛
وفي خطابه، ذكر ترامب فقط الخسائر الأمريكية ولم يشر إلى 112 أفغانيًا بريئًا فقدوا أرواحهم في الهجوم. يعكس هذا اللامبالاة النظرة الأحادية الجانب والأنانية التي يتبناها السياسيون الأميركيون تجاه الأزمات العالمية. بالنسبة للأفغان، لم يكن الهجوم كارثة إنسانية فحسب، بل كان أيضاً بمثابة تذكير مؤلم بحقيقة مفادها أن حياتهم هي الأقل قيمة في المعادلة السياسية الأكبر. ويعكس هذا الظلم والاستخفاف بحقوق الإنسان للضحايا الأفغان عمق المأساة التي شهدتها أفغانستان على مدى عقود من الحرب والعنف.
- لعنة الصفقات القذرة: أميركا وباكستان وأفغانستان؛
لقد كانت العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان على مدى السنوات الخمسين الماضية تعتمد دائمًا على المصالح الاستراتيجية والصفقات خلف الكواليس. ولم تساهم هذه العلاقات في استقرار أفغانستان فحسب، بل حولت البلاد أيضًا إلى مركز للإرهاب والعنف. لعنة الله على هذه الصفقات القذرة، لعنة الله على السياسات التي تضحي بأرواح الأبرياء من أجل أهداف سياسية. وما دامت هذه الصفقات مستمرة، فلن تتمكن أفغانستان وشعبها أبدًا من تحقيق السلام والاستقرار الحقيقيين.
خاتمة:
إن خطاب ترامب وزعمه القبض على الإرهابي المسؤول عن الهجوم على القوات الأمريكية ليس إلا جزءا صغيرا من لعبة سياسية أكبر. إن هذه اللعبة التي تلعب فيها الإرهاب وباكستان وأميركا الأدوار الرئيسية، كانت كارثية بالنسبة لأفغانستان وشعبها. ما دامت المصالح الاستراتيجية لها الأولوية على حقوق الإنسان والعدالة، فلن تتحرك أفغانستان والمنطقة نحو السلام والاستقرار الحقيقيين. ويجب أن تنتهي هذه الصفقات التي تتم خلف الكواليس حتى تتمكن أفغانستان من التحرر من دائرة العنف والإرهاب.
وهذا يدل على أنه ما دامت الألعاب السياسية لها الأولوية على العدالة وحقوق الإنسان، فلن تتمكن أفغانستان وشعبها أبدًا من تحقيق السلام الحقيقي.